قائمة المقالات

قائمة الحوارات
 

 


 

 


 

  العنوان: حوار شبكة مزن مع المدرسي

 

<<<<<<  الصفحة الثانية

 


س3: هناك تساؤل ينشعب من نفس هذه الإشكالية، وهو أنه إلى الآن وبعد تنامي الحركة الثقافية في المجتمع بالذات في الوسط المتدين برز جيل من المثقفين وبرزت عنده إشكالات عديدة من خلال تعاطيه العام مع الثقافة، وهم يقولون أو يدعون بأنهم مجبورون على الانفتاح وعلى تلقي الأجوبة حول كل الاشكالات المعاصرة من خارج الدائرة المتمحضة في العمل الثقافي الديني، مبررين ذلك بأن الدوائر المتخصصة كالحوزة لا تقدم أجوبة واضحة على الإشكالات المعاصرة، سواء المرتبطة بالإطار العقائدي أو الثقافي أو الاقتصادي وما إلى ذلك..؟.

ج3/ قد يكون الإشكال في أسلوب من يرد على الأجوبة لكن الدين مجموعة قيم ، مجموعة مثل مجموعة تعاليم ، مجموعة قواعد ثابتة من تجاوزها تجاوزته الحياة ، ربما يظن من يتجاوز ذلك أنه استطاع أن ينطلق في الحياة لكن في نهاية الأمر سيكون الفشل نصيبه ، أقرب مثال على ذلك: سيارة في حالة الانطلاق دواليبها تتحرك ضمن إطار مجموع الأطر الأخرى بالارتباط بهيكل السيارة والإرتباط بما تسميه سيارة أو مجموعة الأجزاء ، لو افترضنا أن دولابا من هذه الدواليب انقطع عن أصله ربما استطاع أن يتحرك أسرع من السيارة لكن في نهاية الأمر لعدم ارتباط هذا الدولاب ببقية الدواليب بالماكنة في السيارة بخزان الوقود بالسائق بهيكل السيارة هذا الدولاب سيسقط على الأرض حتما وإن انطلق في البداية (وهذا مايحدث) إذا خرج دولاب من الإطار الذي هو فيه محتما ًينطلق أسرع من السيارة لكن نحن مطمئنون أنه سيسقط لأن مافيه شيء يحركه حركة ذاتية.. فيما يرتبط بمسألة في ماعند غيرنا من الإجابات، نعم عند الآخرين إجابات ولكنها إجابات مزيفة ، تماماً كما أن الجائع إذا حصل على طعام ينفعه وأكله فإن الخلايا تنتفع بهذا الطعام لكن لو لم يجد هذا الطعام الجيد وأكل الطعام الغير صحي أو لم يكن طعاماً وظن أنه طعام وربما شعر أنه شبع لكن النتيجة النهائية الخلايا لا تستفيد من عنده مع قطع النظر عن شعوره .
مسألة أخرى: فيما يرتبط بالقيم ، لا شك أن هذه القيم فعلا فيها إجابة لأنها قيم ترتبط بالحياة ارتباطا جذريا، وقد أعلمنا الله سبحانه الذي خلق الحياة نفسه كيفية التعامل معها، فقيم الدين هي كتيب – إذا صح هذا التمثيل ولا مناقشة في الأمثال- مثل كتيب يحتوي التعليمات التي تشتريها وتحصل عليه مع كل جهاز تشتريه هذا الكتيب يبين لك كيف تشغل هذا الجهاز ولو لم تعمل بهذا الكتيب ربما أدى الأمر إلى عطب الجهاز وربما أدى إلى القضاء عليك ، بمعنى نفترض أنت تشتري جهازا له ربط بكهرباء إذا لم تعرف كيف تشغله يمكن هذا الجهاز يحترق وربما تصاب بصعقة كهربائية ؟ كيف تتعامل مع هذا الجهاز؟ كيف تتعامل مع الحياة؟
الحياة قد تدمرك إن لم تعرف كيف تتعامل معها ، الدين هو عبارة عن قائمة تعليمات ترتبط بكيف تستخدم نفسك ، بكيف تركب هذه المركبة الذي زودك الله بها وكيف تستفيد من الحياة ، وقد يقول شخص أنا لست في حاجة إلى كل ذلك فأنا بنفسي أشغل وبشكل أفضل ، ولكن ربما يشتغل هذا الجهاز فترة من الزمن لكن النتيجة النهائية هو عطبه وخسرانه.

س4: سؤال أخير سيدنا: على اعتبار قربكم وملاصقتكم الطويلة بصفتكم أخا لسماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي (حفظه الله ) في رأيكم ماهي أبرز المعالم العلمية والاجتماعية التي تتوفر في شخصيته؟

ج4/ أعتقد أن مرجعية سماحة الأخ فرصة نادرة من فرص هذه الطائفة لكي تنطلق في الحياة بشكل أفضل من السابق والسبب في ذلك مجموعة امتيازات يتمتع بمها سماحة السيد، وأهم الإمتيازات أن السيد يجمع مابين الحاله النهضوية و المسائل التقليدية (مجتهد نهضوي) ، ففي التاريخ القديم لهذه الطائفة إما كان المجتهدون غير نهضويين وإما كانوا نهضويين غير مجتهدين ، وفي كل مرة تجتمع هاتان الصفتان في شخص من الأشخاص كانت تعتبر نقلة نوعية للطائفة على مستوى الحياة ككل ، كمثال أقول حينما نتحدث عن المرحوم الميرزا حسن الشيرازي صاحب ثورة التنباك والميرزا محمد تقي الشيرازي صاحب ثورة العشرين في العراق نتكلم عن مرجعين عظيمين في جانبين ومفردتين متماثلتين وإن اختلفتا في الجغرافيا أحدهما ضد الاستعمار البريطاني في ايران وأحدهما ضد الاستعمار البريطاني في العراق نتحدث عن نهضة قام بها المرحوم الميرزا حسن الشيرازي بإصداره فتوى التنباك وهي مفردة نهضوية واحدة أصدر سطراً واحداً قال في ذلك السطر: اليوم استعمال التنباك بكل أشكال الاستعمال محاربة للإمام المهدي (عج)، لا أحد يتحدث عن أعلمية السيد الميرزا حسن الشيرازي ، لا أحد يتحدث عن أعلميته ، إنما يتحدث عن نهضويته في هذه المفردة ، المرحوم محمد تقي الشيرازي نفس الشيء لا أحد يتحدث عن علمه عن أعلميته عن تلاميذه ، بل يتحدث عن فتواه ضد هذا الاستعمار البريطاني، اجتمعت الحالة النهضوية في فترة معينة من الزمن في هذين المرجعين، فمن الفرص النادرة أن يكون المرجع نهضوياً يعني يؤمن بالعمل في الاسلام بفروع الدين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ……… الخ.

 مرجعية سماحة الأخ فرصة نادرة من فرص هذه الطائفة لكي تنطلق في الحياة بشكل أفضل من السابق

ولا تقتصر على جانب واحد كمثال أيضاً على ذلك الإمام الخميني في إيران الذي جمع بين الأمرين والذي استطاع أن ينجز ثورة كبيرة مهمة في التاريخ المعاصر للطائفة لا باعتباره الأعلم وإنما باعتباره جمع مابين الحالة التقليدية والنهضوية ، مجتهد حتى في بداية نهضته لم يكن أحد يعرفه إن كان مجتهدا أو غير مجتهد ، ولم يكن قد طبع رسالته ، لكن فعلاً كان في هذا المستوى وقام بنهضته ثم فيما بعد أعلنوا عن اجتهاده خاصة حينما تعرض لاحتمال الإعدام وكان القانون والدستور الايراني يجعل المجتهد مصوناً فيما يقول ثم بدأ فيما بعد بطبع رسالته لكن اجتمعت عنده الحالة النهضوية والحالة التقليدية فصنع شيئا للأمة.
أقول من الفرص النادرة بالنسبة للطائفة مرجعية سماحة الأخ بالإضافة إلى أنه من الرجال القلائل الذين تستطيع أن تبشر بهم دولياً يعني تطرحه على المستوى الدولي على المستوى الحضاري بالنسبة للطائفة وغير الطائفة بالنسبة للمسلمين وبالنسبة لغير المسلمين ، تستطيع أن تطرح السيد في هذه المجالات وامتيازاته كثيرة منها وأعتقد أنها من أهمها على مستوى الأصول مسألة إرتباط فكره بالقرآن منذ ثلاثين عاماً فشغله الشاغل القرآن ، قليل من عندنا من المراجع صاحب تفسير كامل ،طبعاً كان المرحوم آية الله العظمى السيد عبدالأعلى السبزواري (رحمة الله ) أيضاً من المراجع الذين كتبوا تفسيراً كاملاً في القرآن،
السيد صاحب مدرسة التدبر في القرآن الكريم في عصرنا الحاضر للطائفة ، السيد مامن محاضرة من محاضراته إلا وتدور حول عبرة قرآنية، معارف أهل البيت عليهم السلام وانطلاقته من هذه المعارف باعتبارها أصولا وباعتبار إن آية انطلاقه إن لم تكن على أرض ثابتة وتطور على تلك الأرض فهذه الفكرة وهذا المنهج يكون خاطئاً ونحن نحتاج إلى الأصالة في التطوير والتطوير في الأصالة ، يعني مثل القطارالذي لايتحرك إلا على شبكة ثابتة تحتاج إلى السكة الثابتة وتحتاج إلى القطار كي نتحرك ، قطار متحرك بدون سكة ثابتة معناه العطب ، السقوط ، التوقف ، سكة ثابتة بدون قطار لافائدة منها وهذه من الصفات التي تجتمع في السيد وأكتفي بهذا المقدار .

وصلى الله على محمد وآله الطيبين .

العودة إلى الصفحة الأولى من الحوار <<<<<